الأربعاء، 7 مايو 2008 

د. عـمـار هـادي



د. عـمـار هـادي :سببـان لـتعـثر السينـما :
غياب الوعي السينمائي وانعدام رعاية الدولة

حوار: حسن عبد راضي


في غياب دور حقيقي وفاعل للمؤسسة الرسمية السينمائية وفي غياب قطاع خاص نشط في مجال السينما يكون دور الافراد والمنظمات المعنية بهذا القطاع حيويا في ادامة نسغ الحياة، وان كان بشكل بسيط في عروق الحركة السينمائية في العراق.
الدكتور عمار هادي اكاديمي بارز في كلية الفنون الجميلة قسم السمعية والمرئية وهو في الوقت نفسه من مؤسسي جمعية سينمائيين عراقيين بلا حدود التي اضطلعت بدور مهم في تحريك المشهد السينمائي شبه الساكن سواء بما انتجته من افلام قصيرة او بمهرجان بغداد السينمائي الذي اقيم عام 2005.التقينا الدكتور عمار هادي في مكتبه في كلية الفنون في حوار عن السينما العراقية واشكالياتها المزمنة والستراتيجية الممكنة للنهوض بها. مع ان عمر السينما العراقية طويل نسبيا، اذ انطلقت في الاربعينيات الا ان ثمة تلكؤا ونكوصا واضحين في الانتاج السينمائي العراقي..

لماذا لم تنجح السينما العراقية في الوقت الذي نجحت السينما في مصر وفي ايران ودول اخرى في المنطقة في التحول الى صناعة حقيقية وراسخة؟
-البدايات الحقيقية للسينما العراقية كانت في عام 1946 ضمن مشروع الانتاج المشترك، لكن يمكن القول ان هناك عروضا عاصرت بدايات السينما لاسيما في بدايات القرن العشرين وكانت تلك العروض معنية بالتعريف بالسينما وعن صيد الحيوانات وما شاكل ذلك، لكن البداية الحقيقية كانت عام 1946 عندما جرى العمل بمشروع الانتاج المشترك بين مصر والعراق، لكن بالعودة الى اسباب تأخر السينما في العراق ثمة مشكلة نعاني منها بينما تكاد تكون غير موجودة في الانتاج العربي وهي غياب وجود منتجين سينمائيين سواء على مستوى الصناعة او على مستوى الوعي الفني وادراك دور السينما في المجتمع بحيث يلتزمون بمعادلة الانتاج المتقدم الذي يقدم رسالة ويحقق ايرادات في الوقت نفسه وهذا الغياب ادى الى تعثر الانتاج الذي هو بالاصل عبارة عن مغامرات بسيطة لمغامرين نجحوا حينا وفشلوا حينا وبقيت السينما رهن المغامرات حتى صدر قانون السينما عام 1975 وهو قانون ممتاز وكان من الممكن ان يحرك عجلة السينما.يمكن الوقوف عند محطات مهمة في السينما مثل فيلم (الجابي) عام 1969 الذي تبعته افلام قليلة مهمة قبل صدور القانون في 1975 وشهدت تلك المرحلة ازدهارا في الوعي السينمائي وفهما لاهميتها وخطورتها في المجتمع ودورها الحضاري الا انه ما ان استمر الانتاج حتى تحول الى انتاج واجهي يكرس بالدرجة الاساس مصلحة الدولة وليس له اية فاعلية ثقافية او اجتماعية. ما قدم في تلك الحقبة افلام لا تلتصق بقضايا المجتمع بل كانت تروج لفكر الدولة شأنها في ذلك شأن الواقعية الاشتراكية عندما انتجت افلاما روجت لايديولوجية النظام الاشتراكي آنذاك وهذا جر السينما الى مطب التخلف.هل لنا ان نكون اكثر تحديدا ودقة في تسمية اسباب الفشل مع وجود المقومات اللازمة لنهوض السينما؟-هناك سببان غياب الوعي الشعبي وعدم وجود رعاية رسمية للانتاج السينمائي كما في الجزائر وتونس ففي هذين البلدين جرى التخطيط لاقامة صناعة سينمائية تحاكي وتضاهي السينما الاوروبية وكان الفيلم الروائي غائبا في الغالب لكن الفيلم التسجيلي كان حاضرا بقوة لان ميزانياته قليلة، وفي الوقت نفسه كان يفسح مدى اوسع لاظهار عدد اكبر من المخرجين والمتخصصين الشباب في السينما.نحن لدينا مشكلة، اننا ننتج الملاكات المتخصصة لكنهم يغادرون تخصصهم هذا الى التدريس او الى اعمال ومهن اخرى لانهم لا يجدون الفرص الحقيقية للتعبير عن امكانياتهم التي هي بالاساس امكانيات ممتازة تعززها مواهب كبيرة.دعنا نقف قليلا عند صدور قانون السينما سنة 1975 وكانت السينما قد خطت خطوات جيدة قبل صدور القانون بفيلم الجابي والظامئون

لماذا لم تتقدم السينما بوجود قاعدة مهنية وصدور هذا القانون والميزانيات الانفجارية للبلد آنذاك بعد الزيادة في اسعار النفط؟

-نحن نمتلك القاعدة المهنية والفنية وكان بامكانها ان تنتج ثلاثة الى اربعة افلام في وقت واحد وعشرات الافلام في السنة، وهذه القاعدة السينمائية كانت تعمل في دائرة السينما والمسرح وهناك شباب وخريجون على مستوى التقاليد السينمائية يعملون في المهن الاخرى المكملة كمساعدي التصوير والصوت والاضاءة والمونتاج وادارة عمليات الانتاج ولم تكن السينما العراقية مفتقرة الى اي نوع من الخبرات التقنية على الاطلاق بدليل ان دائرة السينما والمسرح انتجت ثلاثة افلام في عام واحد ولكن لان الدولة ركزت على الانتاج الواجهي الذي يسوق ايديولوجيتها صار الانتاج السينمائي ينطوي على محاذير وصارت حصة الدولة من الانتاج 99% في الوقت الذي كان عدد كبير من العاملين في السينما يرون ضرورة ان تتوجه السينما الى القضايا الانسانية والى انتاج الافلام التسجيلية.السينما صناعة باهظة جدا وتحتاج الى ميزانيات ضخمة هناك ما يسمى بـ(الافلام القليلة الكلفة) ولكن حتى هذه الافلام كانت ممنوعة ومعطلة.

اذن لعل هيمنة الدولة وخطابها الفكري على السينما هو كل المشكلة في تأخير تطور القطاع السينمائي؟

-هذا مؤكد وحتى في اوضاعنا الراهنة اصبحت السينما والعمل فيها اشبه بتهمة، الدولة اليوم غائبة عن هذا القطاع وكأن مجال السينما مجال ترفي في حين هو واحد من اعمدة الثقافة لدى المجتمعات المتحضرة.ماذا عن الافلام القصيرة جدا (30-60 ثانية) التي تحمل رسالة مكثفة ذات طابع انساني او ثقافي في الغالب كيف تنظرون اليها؟-هذا نمط مهم من الافلام تهتم بانتاجه منظمات المجتمع المدني، ومنها منظمة سينمائيون عراقيون بلا حدود التي تركز الان على انتاج هذه الافلام وقد بدأنا بفيلم عنوانه (الكرسي) زمنه دقيقة واحدة جرى تصويره في الاردن وعرضته الـ(B.B.C) ولدينا مشاريع افلام من هذا النوع لقلة تكلفتها ونحن بعد اربع سنوات وصلنا الى حقيقة مؤلمة مفادها اننا لا نستطيع ان نعتمد التصوير الخارجي بسبب الاخطار والصعوبات الكثيرة الممكنة في المناخ الخارجي وعلينا اعتماد التصوير الداخلي لكن مع كل الصعوبات قدمنا افلاما فاز بعضها بجوائز دولية كجائزة مهرجان الفيلم في تونس ولهذا النمط من الافلام اناسه المتخصصون وهناك افلام زمنها دقيقة او دقيقة ونصف عن السياحة او غيرها من الامور.

هذه الافلام القصيرة جدا بما تنطوي عليه من تقنيات عالية وتكثيف الا يمكن تطويرها إلى افلام قصيرة 10-20 دقيقة لتطوير السينما التسجيلية والوثائقية؟

-هذا هو همنا في الحقيقة وانا اتوسم في شباب عراقيين مقيمين في الخارج منهم حسن بلاسم وغيره ممن خطوا خطوات جيدة في السينما الشاعرية التي تناسب وجدان وضمير السينمائي المثقف او المثقف بشكل عام، وهذا يحتاج الى فضاء اوسع والى تضافر جهود ثقافية لا تقتصر على السينمائيين فقط كما تحتاج الى جو من الهدوء لا يشبه جونا العاصف هذا.. لو قيض لنا ان نتمتع بهذه الاشياء طوال السنوات الاربع الماضية لانفرد العراق وواكب فن السينما الشاعرية الذي بدأ به ايزنشتاين وطورته الواقعية الايطالية في خطه الدرامي ثم جاء بازوليني وبيركمان وتاروكوفسكي هؤلاء هم رواد السينما الشاعرية قدموا افلاما عالية التقنية وقليلة الكلفة وتعبر عن وجدان الانسان المثقف وتستقطب جمهورا من مختلف المشارب والاعمار وخطابها عالمي وليس محليا.

اذن هل هناك سبيل لوضع ستراتيجية للنهوض بالسينما العراقية على مدى متوسط او بعيد؟

-سبق ان اشرنا اسباب التعثر وهي غياب الوعي الانتاجي وغياب المنتج الحقيقي، ونحن اليوم نقف امام مهمة النهوض بالسينما العراقية وليس لدينا سوى ان نعتمد (الافلام قليلة الكلفة) وهذه تحتاج فضاء واسعا من الحرية وتشتمل على الفيلم الروائي القصير والافلام المكثفة التي تعتمد تقنية (السبوت) وهي فكرة مكثفة ومعنى ثقافي واجتماعي مرتبط بقضايا الناس.وارى ان لدينا في بغداد عدداً كبيراً من دور السينما بعضها حكومي مثل بابل واكثرها قطاع خاص مثل سميراميس والنصر والنجوم واطلس وغرناطة وريكس وروكس والوطني وغيرها ولذلك اقترح ان ترفع الدولة عنها ضريبة الملاهي عن الانتاج وعن دور العرض وهي ضريبة كلفتها عالية وتعرقل التسويق فاذا رفعت هذه الضريبة وتبنت الدولة عن طريق الايجار او المساهمة تفعيل دور العرض القائمة الى الان، لان السينما صناعة ضخمة جدا وتدر ارباحا وايرادات ضخمة ولذلك ينبغي ان تاخذ اية ستراتيجية تضعها الدولة لنهوض هذا القطاع جانب التسويق بالحسبان والسماح لشركات الانتاج والتسويق بالعمل ضمن سماحات معينة وبما ان هناك فكرة لتحويل شارع الرشيد الى شارع سياحي ثقافي وهذه فكرة عظيمة جدا، فان من المناسب ان يجري تأهيل دور العرض السينمائي الموجودة في نطاق شارع الرشيد لتعود سينما الشعب والوطني والخيام وريكس وروكسي لعرض الافلام السينمائية بدلا من ان يضطر المعنيون بالسينما الى مشاهدة الافلام في دول الجوار كالاردن او سوريا او لبنان او مشاهدتها في الاقراص المدمجة التي تختلف كليا عن العرض السينمائي في الخصائص الفنية والجمالية .. لان العرض السينمائي هو العرض السينمائي ومكانه الوحيد هو صالة السينما ولا يمكن الاستعاضة عن الشاشة الكبيرة باية شاشة اخرى.عودة دور العرض السينمائي لها فوائد عدة اذ ستعيد الذائقة السينمائية وتشيع ثقافة السينما في المجتمع وتفتح افاق المخيلة والحس وتكون حافزا كبيرا لعمل افلام سينمائية.


الصباح


 

سعد سلمان








ـــــــــــــــ
المخرج العراقي سعد سلمان : لاوجود لسينما عراقية .. وهناك افلام صنعها عراقيون في الداخل والخارج

عبد العليم البناء

المخرج الفنان سعد سلمان من ابرز المخرجين العراقيين الذين اكدوا حضورهم في المشهد السينمائي العراقي في عالم الغربة والمنفى حيث ادى قمع واضطهاد العهد البائد الى مغادرته العراق هربا بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة عام 1969 وعمله مخرجا في التلفزيون العراقي وعاش في بيروت وعمل في عالم الصحافة والسينما ودفعته مناخات الحرب الاهلية اللبنانية الى الرحيل الى باريس ..وفي هذه المدينة وحيث الابداعات السينمائية المتواصلة المتراكمة بدأت مسيرته السينمائية فأنجز الافلام الاتية : (بسبب الظروف) 1982 و (كان يا مكان ,بيروت) عام 1984(رامبو ,ساعة الهروب) 1990 و (من على شرفة رامبو)1991و(حكى لي شيبام)1992و (الطريق)1993و (تنويعات على الحجاب)1994 و (فيزا الى الفردوس)1996 و(الحكمة:عمر رداد)1999و(بغداد اون/اوف)2002 و(رسالة حب الى ابنة الرئيس جورج دبليو بوش)2004 واخيرا (دردمات) 2006الذي كان الفيلم الوحيد الذي استطاع ان يصوره داخل بغدادمع مراحل المونتاج الاولى مع كتابة السيناريو وكان يستشرف افاق الوجع العراقي بدقائقه..سعد سلمان اذا لم يغادر العراق الا جسدا اما روحه و عقله فكان مع العراق يتألم لالمه ويقرح لقرحه وفي هذا الفيلم حقق اكثر من هدف واكثر من مغزى ونتمنى ان يأتي اليوم الذي يعرض فيه في بغداد اسوة بالافلام الاخرى التي انجزت بعد سقوط النظام البائد...حاورناه في باريس حيث يقيم وكان حوارا لا يخلو من الصراحة التامة وتأشير كل عوامل السلب والايجاب في مسيرة السينما العراقية ..



*توقفنا معه ابتداء عن اخر اعماله السينمائية (دردمات) الذي عبر فيه عن مكنوناته ورؤيته السينمائة الجديدة حيث اكد قائلا:


- ان ثيمة فيلم(دردمات) ترتكز على الضحية والجلاد وعلاقة الضحية بالجلاد ..هذه العلاقة مبهمة وهي علاقة تكاملية وليست اعتباطية لانه لا يمكن للجلاد ان يكون جلادا الا بوجود الضحية والضحية لا تكتمل شخصيتها الا بوجود الجلاد ..وعلى مستوى فهمي للواقع العراقي فأن هذا الفيلم ولد في مرحلة متقدمة على الواقع العراقي وبالتالي فهي متخلفة بمعنى انها لا تسير بنفس الايقاع السياسي والذهني الذي يجري في العراق الان ...ولربما تكون هذه الثيمة في الواقع العراقي هي نوع من الترف الفكري لان تبادل الادوار وتعدد الاقنعة ضيع او غيب الملامح الاساسية التي تفرق بين الجلاد والضحية فنرى ضحايا تحولوا الى جلادين وجلادين لبسوا جلد الضحية ..فضاعت علينا...!؟!




* المعروف ان الاوضاع الامنية في العراق كانت مضطربة اثناء تصويرك وانتاجك للفيلم ..كيف اجتزت الصعوبات او المعوقات التي واجهتك ؟


- احب ان اؤكد على مسألة غاية في الاهمية انني لو كنت وحدي لما استطعت انجاز هذا الفيلم ولكن حظي - اذا صح التعبير - انني التقيت بشخص كان بالنسبة لي مساعدا او دليلا وكذلك ممثلا ...ولولاه لما قام هذا الفيلم وهو الاخ محمد المعموري الذي كان العمود الفقري للفيلم ومن خلال التسهيلات التي وفرها كان التصوير وحتى التحضيرات للمونتاج التي كانت تجري بصعوبة ولكن وجود مساعدين حرفيين كانوا مؤمنين بالفيلم واعطوا احسن ما لديهم من امكانيات هو الذي اسهم في انجاح الفيلم الذي هو - في الحقيقة - نتاج جماعي ولو انه كان يحمل الرؤية الشخصية ولكنني اعتبره نتاج الكل وكل من اشترك في الفيلم هو جزء من الفيلم وعامل مساعد لايصاله الى نقطة النهاية ..




*ولكنك لم تذكر بعضا من هذه الصعوبات التي عانى غيرك من المخرجين منها؟


- اثناء تصويرنا تحت جسر السنك وبالقرب من معهد الدراسات الموسيقية اطلق علينا احد حرس حماية فندق المنصور النار من الجهة المقابلة فقام بحمايتنا حرس المعهد ..وهذه واحدة من صعوبات فضلا عن صعوبات ادارية ..لكنني اعتقد انها لا علاقة لها بالفيلم بقدر علاقتها بالمواطن العراقي شخصيا ..وعلى اية حال ليس من حقي ان اشتكي من الوضع العراقي واتباكى على الوضع بالقياس الى معركة البقاء على قيد الحياة التي يخوضها هذا المواطن..




* واين تضع فيلمك (دردمات) في سياق تجربتك السينمائية ؟


- هو اخر اعمالي وانا اتعامل معه كما اتعامل مع الطفل الوليد الاخير ..فهو قد اتى في سياق اجتماعي وثقافي معين ولا اعتقد انه سيجد جمهورا يستوعب الاشكالية التي يطرحها الفيلم لان المشاهد - عموما- مشغول بأعتبارات اخرى وثيمة الضحية والجلاد يعيشها يوميا وهو جزء منها ...وعملية اجبار الشخص على رؤية وجهه في المرآة هي عملية لا يستحقها كثير من الناس فكيف اذا كانت على مستوى شعب ووطن وأمة... انافي اعتقادي ان (دردمات) كتب في مرحلة معينة وكان شاهدا على مجتمع معين..وقد تكون اشكالية المعاش اليومي هي الطاغية في العراق ولكن هذا لا يمنع من ان هناك وعيا ومعالجة لاشكالية وجودية لربما كما سبق ان ذكرت انها نوع من الترف الفكري ان نتحدث عن الضحية والجلاد لان المجتمع العراقي تجاوز او بالاحرى ليس معنيا بهذه المعادلة ..ولهذا انا لا استطيع تقييم فيلمي بموضوعية لانه فيلمي...! وهذه هي مهمة النتقاد الذين اشاروا خاصة الذين كتبوا عن الفيلم ويعرفون مسيرتي السينمائية الذين اعتبروه تطويراوتكريسا لبحثي عن لغتي الفنية المتفردة ..




*وهل هذا يعني انك تجاوزت عبر فيلم (دردمات) ما حققته وانجزته في فيلمك السابق (بغداد - اون - اوف)..؟


- ليس هنالك مجال للمقارنة برغم ان الفيلمين هما من حصيلة تجربتي الذهنية لكن لكل واحد منهما ثيمة وشكل معين يطرح هذه الثيمة ..فبحثي الدائم عن لغة فيلمية يكون فيها الشكل والمضمون متلازمين ومتحدين بحيث لا يمكن فصل الشكل عن المضمون هو الذي يهمني وفي هذا الاطار هنالك نوع من الاستمرارية في مسيرتي ولكن هل يشبه (دردمات)(بغدد - اون - اوف) الجواب لا..لانني لست اسير الاسلوب الواحد..
*وكيف تنظر الى واقع السينما العراقية الان..؟
ليس هنالك شيء اسمه (السينما العراقية) بل هنالك افلام صنعت من قبل عراقيين في الداخل والخارج ..ولكن هل مجموع هذه الافلام يشكل ملامح وسمات موحدة بحيث نستطيع ان نسميها (السينما العراقية) كما تسمى السينما الايرانية او الاميركية او الفرنسية او اليابانية..وحتى على المستوى العربي-عموما- ليس هنالك سينما عربية ..اذا واقع السينما العراقية واقع بائس ولم تحسن سلطة البعث لاكثر من ثلاثين سنة اي شيء في هذا الاتجاه حيث كانت هذه السلطة لا تثق بالسينمائيين العراقيين وكلما كان لديها مشروع سينمائي ضخم تستعين بمخرجين مصريين واكبر دليل على فشل السينما العراقية خلال الاربعين سنةالماضية نأخذ مثالا محمد شكري جميل الذي انجز في اواسط السبعينيات فيلما جميلا جدا .هو (الظامئون)وكان متقدما من ناحية اللغة السينمائية والايقاع والمونتاج ويتناول قضية انسانية …تصور نفس هذا الشخص عمل فيلما بعد حوالي عشرين سنة لا يرقى الى مستوى اردأ الافلام لمستوى طلبة المعاهد السينمائية ..لقد عمل فيلما (فضيحة) هو (الملك غازي) فهذا الفيلم كأنه معمول من قبل شخص لا يفقه من السينما شيئا وليس من قبل مخرج له مكانته وله اعماله التي تفصح امكانياته الجيدة!؟!




*وما هو السبيل اذا لا يجاد قاعدة سينمائية عراقية حقيقية...؟


- ليس هناك من سبيل مادامت النخب الثقافية والسياسية مؤمنة بهيمنة مؤسسات الدولة على مرافق الثقافة ..وهناك شعور لدى جميع المثقفين العراقيين ان الدولة هي التي تبني الثقافة ومن خلال تعضيد الدولة للثقافة تنبني الثقافة بينما النتاج الثقافي هو من حق المجتمع واذا لم يستطع المجتمع ان ينتج ثقافة نابعة من حس ووجدان الشعب فأنها - اي الثقافة _ تبقى لعبة سياسية خاضعة لمساومات السياسةواخلاقها ..وهناك فرق كبير بين اخلاق السياسي واخلاق الفنان بينما نحن تربينا على المزج بين الفنان والسياسي وكل الفنانين سياسيين وكل السياسيين يدعون معرفتهم للفن ويدلون بآرائهم كنقاد وخير دليل على ذلك فأن المسؤولين يقدمون خطبا توجيهية للمثقفين بصيغة اوامر لتحديد مسارتحركهم وهذا الخطأ وهذا المسار ليس السياسيين لوحدهم مسؤولون عنه فقط ولكن المثقفين بطلبهم الرعاية وتبعيتهم العقائدية واضيفت لهاا لان المذهبية والعرقية اضاعوا امتيازاتهمواصبحوا ابواقا لهذا الحاكم او لهذا الحزب او لهذه الطائفة ..اذا كيف تريدني ان احدد المسار المستقبلي لوضع مأساوي بهذا الشكل..؟!




*ما هو جديد المخرج الفنان سعد سلمان ..وهل سيصب في اطار الهم والوجع العراقي ايضا..؟


- لدي مشروع فيلم جديد اعكف على كتابته الان...وهو يمثل رحلة شابين داخل العراق للهروب منه ..وعنوانه (اكثر قربا من الجحيم) واود ان يكون شاهدا اخر على عبثية الوضع العراقي الذي تجاوز كثيرا مخيلة الفنان واشكاليتنا نحن السينمائيين انه كلما توغلنا في الاسلوب السريالي والعبثي كلما اقتربنا من الوضع العراقي..!؟*كلمة اخيرة...- اود ان احيي الانسان العراقي لان ما يعانيه يتجاوز حدود القدرة البشرية..




حوارات is powered by Blogspot and Gecko & Fly.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.
First Aid and Health Information at Medical Health