« Home | قيس الزبيدي » | بشير الماجد » | ضياء خالد » | ماجد كامل:لم نصل للاسف لما كنا نطمح اليه » | د. عـمـار هـادي » | سعد سلمان » 

الأربعاء، 11 فبراير 2009 

فضائيات تصب الزيت على نار الطائفية



يشتغل على تصوير فيلمه التلفزيوني الجديد... ليث عبد الأمير: فضائيات تصب الزيت على نار الطائفية


فجر يعقوب ـ الحياة


عندما التقينا به كان قد عاد لتوه من مدينة ليل الفرنسية وقد أنجز تصوير النصف الأول من شريطه التسجيلي الجديد «دمعة الجلاد». المخرج العراقي المقيم في باريس ليث عبد الأمير رفض أن يفصح عن مضمون فيلمه قائلا إنه لا يرغب في الحديث عنه «أولاً لإيماني بأن الأشياء يمكن الحديث عنها بعد أن تنجز، وثانياً بسبب من خصوصية الموضوع». وحول سؤال عن سبب تكتمه على مشروعه، وما إذا كان ثمة مشكلة له مع المحطات التلفزيونية، فهو دائماً يردد إن المشكلة ليست مع المنتج المباشر، بل مع هذه المحطات يقول عبد الأمير: «في البدء يجب أن أوضح أنني لا أتحدث عن علاقتي مع المحطات التلفزيونية سواء كانت فرنسية أو أوروبية كمشكلة شخصية، وإنما كواقع ثقافي يجب فهمه واستيعابه. فإنجاز فيلم تلفزيوني يمر عبر مرحلة من الإجراءات الروتينية تبنى على العلاقة بين المخرج والمنتج من جهة، والمحطة التلفزيونية من جهة ثانية، فالمنتج هو الوسيط الذي يقف بين المخرج والتلفزيون، ويبقى الرأي النهائي محصوراً بيد المحطة التلفزيونية الممول الأساسي للعملية الإنتاجية، لذا يتوجب على صانع الفيلم أن يجد منتجاً له حضور قوي بين المحطات التلفزيونية كي يضمن تحقيق مشروعه الفني. وربما العملية في عالمنا العربي معكوسة، فالمنتج هو الممول الوحيد أو الأساسي للعمل الفني، ولا تسهم المحطات المحلية، إلا في ما ندر، في عملية انتاج الأفلام التسجيلية بسبب من عدم تقييمها الصحيح من جانب القائمين على هذه المحطات، ولعدم إيمانهم بأهمية السينما التسجيلية أو خوفهم من توظيفها سياسياً بما لا يتناسب مع توجهاتهم. اليوم تؤشر البوصلة لمصلحة وجود وعي جديد بأهمية الفيلم التسجيلي ربما يعطي أملاً بتغيير داخل هذه المحطات العربية لدعم السينمائيين التسجيليين والمنتجين على حد سواء».
حالة معقدة
وحول ما إذا كان ثمة ما يحرج في فيلمه أو يثير البلبلة عند بعض المحطات العربية حصراً بما يخص الوضع العراقي يقول عبد الأمير: «يجب أن نعترف بأن الوضع العراقي حالة معقدة وله الكثير من الخصوصيات، ولهذا حتى نفهم مايحدث في العراق يتوجب علينا أن نتخلص من الكثير من المفاهيم المسبقة والأحكام الجاهزة، وكذلك الميول العاطفية من كل اتجاه، وأرى أنه من الصعب أن نستوعب الواقع العراقي إذا كنا مسلحين بالشعارات وقراءاتها المعدة سلفاً».
ويضيف عبد الأمير قائلاً: «كان موقف غالبية المحطات العربية مما يحدث في العراق أيام صدام حسين إما شاهداً أخرس أو متواطئاً معه. وبعد التغيير الأخير ودخول الأميركيين وانفجار الوضع الأمني والصراع الطائفي الذي يلعب الارهابيون ومصاصو الدماء الدور الرئيس فيه، لم تقم هذه المحطات بالدور الايجابي المطلوب منها، فكانت إما تقع في فخ الارهاب أو تصب الزيت على نار الطائفية. ولهذا يمكنني أن أقول إن الاعلام العربي في معظمه خسر العلاقة مع الشعب العراقي لأنه لم يكن يواكب مآسيه ويتعاطف معه لا قبل ولا بعد سقوط الطاغية، ولكي لا أغرق في التعميم يمكنني أن ألاحظ في السنة الأخيرة وجود بعض التطورات الايجابية التي تقترب من الموضوعية لدى بعض الأقنية الفضائية».
وحول سؤال ما إذا كانت الأفلام العراقية الجديدة أخذت تتحول إلى «ضامن» لبعض المهرجانات بسبب من طبيعة القضية العراقية نفسها يقول عبد الأمير: «لا تشكل الأفلام العراقية المنتجة حديثاً إنجازاً كبيراً، لا بالكمّ ولا بالكيف على رغم نجاح بعضها بعد انهيار النظام الديكتاتوري. لذا لا أعتقد أن هنالك مهرجانات تشكلت على حساب هذه الأفلام . نعم كانت هنا وهناك بعض الفعاليات لأفلام صنعها عراقيون، ولكنها لا تشكل ظاهرة، مع أنه يمكن التنويه ببعض الأفلام التسجيلية لمخرجين عراقيين رصدوا المشهد العراقي من زاوية ناقدة وفنية تختلف عن الزاوية التي نظر من خلالها زملاؤهم الأوروبيون والعرب، فالجمهور الأوروبي عموماً متلهف لمعرفة كيف يقرأ السينمائيون العراقيون واقعهم بعد أن ملأ الصدأ عدسات كاميراتهم وكممت أفواههم لعقود كثيرة، وربما هذا الأمر يفسر الإقبال على مشاهدة الأفلام التسجيلية لمبدعين عراقيين».
المنفى وأفلامه
وحول مستقبل هذه الأفلام التي تصنع في المنفى المستمر حتى بعد سقوط صدام يقول ليث عبد الأمير: «لا أعتقد بأن الأفلام التي صنعها مخرجون عراقيون في المنفى تنتمي إلى مدرسة عراقية، بل أتساءل فعلاً ما إذا كانت هناك مدرسة عراقية. أنا أعتقد أن هناك أفلام عراقية بصنعها عراقيون في المنفى تنتمي إلى مدارس عالمية مختلفة يمكنها أن تغني المشهد السينمائي العراقي في المستقبل، خصوصاً أن المنفى المستمر بحد ذاته يعد مدرسة خاصة للمخرج التسجيلي». وحول ما إذا كان يقصر اهتمامه في المدى المنظور على متطلبات محطات التلفزة الأوروبية يقول عبد الأمير: «التلفزيون حقل مهم لكل إعلامي، وهو محطة تستحق التوقف عندها، فمن خلال الشاشة الصغيرة نخاطب عقول الملايين، في حين تطل السينما على جمهور مختلف لا يحتسب بكثافة جمهور التلفزيون. التلفزيون مهنة بالمعنى الواسع للكلمة، فيما السينما ممارسة ابداعية وروحية لا تتكرر دائماً». ولا يخفي عبد الأمير في حوارنا معه إنه يفضل على الدوام الحديث عن الأشياء المنجزة في حال سؤالنا له عن فيلمه الروائي المنتظر ويقول: «يبقى الفيلم الروائي مشروعاً معلقاً ينتظر ساعة التنفيذ، وعندما تتحقق الأفكار والأحلام تصبح ملكاً للجميع، وأنا مثلي مثل الكثير من السينمائيين أفكر بعمل أفلام روائية، فالعراق فيه مخزون ضخم للأحداث والقصص والأفكار، وهو يمر بمرحلة عصيبة، لذا أفضل عدم الانجرار وعمل أول فيلم يخطر بالبال».
يذكر أن المخرج ليث عبد الأمير عمل لمدة عام تقريباً في محطة «العقارية» الفضائية التي تبث من دبي قبل أن يعود إلى باريس مقر اقامته الدائم وهو يقول: «في تلفزيون العقارية كان المسمى الوظيفي مديراً للبرامج والانتاج ومسؤول الموظفين، وهناك لم يكن عندي الوقت الكافي لممارسة الإخراج، ولكن تجربتي كانت مهمة على صعيد العمل مع تقنيات عالية وكيفية اعداد كادر تلفزيوني متخصص في صناعة برامج جادة تخاطب جمهوراً خاصاً، علماً أن القناة كانت تعتمد بنسبة كبيرة على انتاجها المحلي وبرامجها المنتجة ذاتياً، وقد واجهتنا مهمة بناء قناة تحتاج إلى ابراز هويتها كمحطة متخصصة لها لونها بدلاً من الاعتماد على برامج مصنعة ومستوردة من الخارج».

حوارات is powered by Blogspot and Gecko & Fly.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.
First Aid and Health Information at Medical Health